المنتديات البهائية العربية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

القران يحذركم

اذهب الى الأسفل

القران يحذركم Empty القران يحذركم

مُساهمة  ahmed22543 السبت سبتمبر 12, 2009 8:30 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93) وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (94)
صدق الله العظيم

تفسير ابن كثير
يقول تعالى: {ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً} أي لا أحد أظلم, ممن كذب على الله, فجعل له شركاء أو ولداً, أو ادعى أن الله أرسله إلى الناس ولم يرسله, ولهذا قال تعالى: {أو قال أوحي إليّ ولم يوحَ إليه شيء} قال عكرمة وقتادة: نزلت في مسيلمة الكذاب {ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله} أي ومن ادعى أنه يعارض ما جاء من عند الله من الوحي, مما يفتريه من القول, كقوله تعالى: {وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا} الاَية, قال الله تعالى: {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت} أي في سكراته, وغمراته, وكرباته, {والملائكة باسطو أيديهم} أي بالضرب, كقوله {لئن بسطت إلي يدك لتقتلني} الاَية, وقوله {يبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء} الاَية, وقال الضحاك وأبو صالح باسطو أيديهم أي بالعذاب, كقوله {ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم} ولهذا قال {والملائكة باسطو أيديهم} أي بالضرب لهم, حتى تخرج أنفسهم من أجسادهم, ولهذا يقولون لهم {أخرجوا أنفسكم} وذلك أن الكافر إذا احتضر, بشرته الملائكة بالعذاب, والنكال, والأغلال, والسلاسل, والجحيم, والحميم, وغضب الرحمن الرحيم, فتتفرق روحه في جسده, وتعصي وتأبى الخروج, فتضربهم الملائكة, حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم, قائلين لهم {أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق} الاَية, أي اليوم تهانون غاية الإهانة, كما كنتم تكذبون على الله, وتستكبرون عن اتباع آياته والانقياد لرسله.
وقد وردت الأحاديث المتواترة في كيفية احتضار المؤمن والكافر عند الموت وهي مقررة عند قوله تعالى: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاَخرة} وقد ذكر ابن مردويه ههنا حديثاً مطولاً جداً من طريق غريبة, عن الضحاك, عن ابن عباس مرفوعاً, فالله أعلم, وقوله {ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة} أي يقال لهم يوم معادهم هذا كما قال {وعرضوا على ربك صفاً لقد جئتمونا كما خلقناكم, أول مرة} أي كما بدأناكم أعدناكم, وقد كنتم تنكرون ذلك وتستبعدونه, فهذا يوم البعث, وقوله {وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم} أي من النعم والأموال التي اقتنيتموها, في الدار الدنيا وراء ظهوركم, وثبت في الصحيح, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « يقول ابن آدم مالي مالي, وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت, أو لبست فأبليت, أو تصدقت فأمضيت, وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس» وقال الحسن البصري: يؤتى بابن آدم يوم القيامة كأنه بذخ, فيقول الله عز وجل: أين ما جمعت ؟ فيقول يا رب جمعته وتركته أوفر ما كان, فيقول له: يا ابن آدم أين ما قدمت لنفسك ؟ فلا يراه قدم شيئاً, وتلا هذه الاَية {ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم} الاَية, رواه ابن أبي حاتم, وقوله {وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء} تقريع لهم وتوبيخ على ما كانوا اتخذوا في الدنيا من الأنداد والأصنام والأوثان, ظانين أنها تنفعهم في معاشهم ومعادهم, إن كان ثم معاد, فإذا كان يوم القيامة تقطعت بهم الأسباب, وانزاح الضلال, وضل عنهم ما كانوا يفترون ويناديهم الرب جل جلاله على رؤوس الخلائق {أين شركائي الذين كنتم تزعمون ؟} ويقال لهم {أين ما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون ؟} ولهذا قال ههنا {وما نرى معكم شفعاءكم الذي زعمتم أنهم فيكم شركاء} أي في العبادة لهم, فيكم قسط في استحقاق العبادة لهم.
ثم قال تعالى: {لقد تقطع بينكم} قرىء بالرفع أي شملكم, وبالنصب أي لقد تقطع ما بينكم من الأسباب والوصلات والوسائل¹ {وضل عنكم} أي ذهب عنكم {ما كنتم تزعمون} من رجاء الأصنام والأنداد, كقوله تعالى: {إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب * وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرأوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار} وقال تعالى: {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} وقال تعالى: {إنما اتخذتم من دون الله أوثاناً مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً ومأواكم النار وما لكم من ناصرين} وقال {وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم} الاَية, وقال {ويوم نحشرهم جميعاً ثم نقول للذين أشركوا} إلى قوله {وضل عنهم ما كانوا يفترون} والاَيات في هذا كثيرة جداً.

يعني جلّ ذكره بقوله: وَمَنْ أظْلَمُ مِمّنْ افْتَرَى على اللّهِ كَذِبا: ومن أخطأُ قولاً وأجهلُ فعلاً ممن افترى على الله كذبا, يعني: ممن اختلق على الله كذبا, فادّعى عليه أنه بعثه نبيا وأرسله نذيرا, وهو في دعواه مبطل وفي قيله كاذب. وهذا تسفيه من الله لمشركي العرب وتجهيل منه لهم في معارضة عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح والحنفي مُسَيْلِمة لنبيّ الله صلى الله عليه وسلم بدعوى أحدهما النبوّة ودعوى الاَخر أنه قد جاء بمثل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم, ونفي منه عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم اختلاق الكذب عليه ودعوى الباطل.
وقد اختلف أهل التأويل في ذلك, فقال بعضهم فيه نحو الذي قلنا فيه. ذكر من قال ذلك:
10641ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال ثني حجاج, عن ابن جريج, عن عكرمة, قوله: وَمَنْ أظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَى على اللّهِ كَذِبا أوْ قالَ أُوحِيَ إليّ وَلَمْ يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ قال: نزلت في مسيلمة أخي بني عديّ بن حنيفة فيما كان يسجّع ويتكهن به. وَمَنْ قالَ سأُنْزِلُ مِثْلَ ما أنْزَلَ الله نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح, أخي بني عامر بن لؤي, كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم, وكان فيما يُملِي «عزيز حكيم», فيكتب «غفور رحيم», فيغيره, ثم يقرأ عليه كذا وكذا لما حوّل, فيقول: «نَعَمْ سواء» فرجع عن الإسلام ولحق بقريش وقال لهم: لقد كان ينزل عليه «عزيز حكيم», فأحوّله ثم أقول لما أكتب, فيقول نعم سواء ثم رجع إلى الإسلام قبل فتح مكة, إذ نزل النبيّ صلى الله عليه وسلم بمَرّ.
وقال بعضهم: بل نزل ذلك في عبد الله بن سعد خاصة. ذكر من قال ذلك:
10642ـ حدثني محمد بن الحسين, قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط, عن السديّ: وَمَنْ أظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَى على اللّهِ كَذِبا أوْ قالَ أُوحِيَ إليّ وَلمْ يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ... إلى قوله: تُجْزَوْنَ عذَابَ الهُونِ قال: نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح أسلم, وكان يكتب للنبيّ صلى الله عليه وسلم, فكان إذا أملى عليه «سميعا عليما», كتب هو: «عليما حكيما» وإذا قال: «عليما حكيما» كتب: «سميعا عليما». فشكّ وكفر, وقال: إن كان محمد يوحى إليه فقد أوحيَ إليّ, وإن كان الله ينزله فقد أنزلت مثل ما أنزل الله, قال محمد: «سميعا عليما», فقلت أنا: «عليما حكيما». فلحق بالمشركين, ووشى بعمار وجبير عند ابن الحضرميّ أو لبني عبد الدار, فأخذوهم فعذّبوا حتى كفروا. وجُدع أذن عمار يومئذ, فانطلق عمار إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم, فأخبره بما لقي والذي أعطاهم من الكفر, فأبى النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يتولاه, فأنزل الله في شأن ابن أبي سَرح وعمار وأصحابه: مَنْ كَفَرَ باللّهِ مِنْ بَعْدِ إيمَانِهِ إلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنّ بالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بالكُفْرِ صَدْرًا فالذي أُكره عمار وأصحابه, والذي شرح بالكفر صدرا فهو ابن أبي سرح.
وقال آخرون: بل القائل: أُوحِيَ إليّ وَلمْ يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ مسيلمة الكذّاب. ذكر من قال ذلك:
10643ـ حدثنا بشر بن معاذ, قال: حدثنا يزيد بن زريع, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: أوْ قالَ أُوحِيَ إليّ وَلمْ يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سأُنْزِلُ مِثْلَ ما أنْزَلَ اللّهُ ذكر لنا أن هذه الاَية نزلت في مسيلمة. ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال: «رأيْتُ فِيما يَرَى النّائمُ كأنّ فِي يَدِي سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ, فكَبُرَا عَليّ وأهمّانِي, فَأُوحِيَ إليّ أنِ انْفُخْهُما, فنَفَخْتُهُما فَطارَا, فَأوّلْتُهُما فِي مَنامي الكَذّابَيْنِ اللّذَيْنِ أنا بَيْنَهُما: كَذّابُ اليَمامَةِ مُسَيْلِمَةُ, وكذّابُ صَنْعاءَ العَنْسِيّ» وكان يقال له الأسود.
10644ـ حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: أُوحِيَ إليّ وَلم يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ قال: نزلت في مسيلمة.
حدثنا الحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة, وزاد فيه: وأخبرني الزهري أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «بَيْنا أنا نائمٌ رأيْتُ فِي يَدِي سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ, فَكَبُرَ ذلكَ عَليّ, فَأُوحِيَ إليّ أنِ انْفُخْهُما, فَنَفَخْتُهُما فَطارَا, فَأوّلْت ذلكَ كَذّابَ اليَمامَةِ, وكَذّابَ صَنْعاءَ العَنسِيّ».
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب, أن يقال: إن الله قال: وَمَنْ أظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَى على الله كَذِبا أوْ قالَ أُوحِيَ إليّ وَلمْ يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ ولا تَمَانُعَ بين علماء الأمة أن ابن أبي سرح كان ممن قال: إني قد قلت مثل ما قال محمد, وأنه ارتدّ عن إسلامه ولحق بالمشركين. فكان لا شكّ بذلك من قيله مفتريا كذبا. وكذلك لا خلاف بين الجميع أن مسيلمة والعنسيّ الكذّابين ادّعيا على الله كذبا أنه بعثهما نبيين, وقال كلّ واحد منهما: إن الله أوحي إليه وهو كاذب في قيله.
الآية : 94
القول في تأويل قوله تعالى:
{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىَ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوّلَ مَرّةٍ وَتَرَكْتُمْ مّا خَوّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىَ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ الّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ لَقَد تّقَطّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلّ عَنكُم مّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ
وهذا خبر من الله جلّ ثناؤه عما هو قائل يوم القيامة لهؤلاء العادلين به الاَلهة والأنداد, يخبر عباده أنه يقول لهم عند ورودهم عليه:لقد جئتمونا فرادى ويعني بقوله: فرادى»: وحداناً لا مال معهم ولا أثاث ولا رفيق ولا شيء مما كان الله خوّلهم في الدنيا. كمَا خَلَقْناكُمْ أوّل مَرّة عُراة غُلْفاً غُرْلاً حفاة كما ولدتهم أمهاتهم, وكما خلقهم جلّ ثناؤه في بطون أمهاتهم, لا شيء عليهم ولا معهم مما كانوا يتباهون به في الدنيا. وفرادى: جمع, يقال لواحدها: فرد, كما قال نابغة بني ذُبيان:
مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ مَوْشِيَ أكَارِعُهُطاوِي المَصِيرِ كسَيْفِ الصّيْقَل الفَرَدِ
وفَرَد وفَرِيد, كما يقال: وَحَد ووَحِد ووَحِيد في واحد «الأوحاد», وقد يجمع الفَرْد الفُراد, كما يجمع الوَحْد الوُحَاد, ومنه قول الشاعر:
ترَى النّعَراتِ الزّرْقِ فوقَ لَبانهفُرادَ وَمَثْنَى أصْعَقَتْها صَوَاهِلُهْ
وكان يونس الجرميّ فيما ذكر عنه يقول: فراد: جمع فرد, كما قيل: توءم وتؤام للجيمع, ومنه الفرادى والرّدَافى والغوانى. ويقال: رجل فرد, وامرأة فَرْد, إذا لم يكن لها أخ, وقد فَرَدَ الرجل فهو يَفْرُد فُروداً, يراد به تفرد, فهو فارد.
10645ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, قال: أخبرني عمرو أن ابن أبي هلال حدثه أنه سمع القرطبي يقول: قرأت عائشة زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم قول الله: وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرَادَى كمَا خَلَقْناكُمْ أوّل مَرّةٍ فقالت: واسوأتاه, إن الرجال والنساء يحشرون جميعاً ينظر بعضهم إلى سوأة بعض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لِكُلّ امْرِىءٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شأْنٌ يُغْنِيهِ, لا يَنْظُرُ الرّجالُ إلى النّساءِ ولا النّساءُ إلى الرّجالِ, شُغِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ».
وأما قوله: وَتَرَكْتُمْ ما خَوّلْناكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ فإنه يقول: خَلّفتم أيها القوم ما مكناكم في الدنيا مما كنتم تتباهون به فيها خلفكم في الدنيا, فلم تحملوه معكم. وهذا تعيير من الله جلّ ثناؤه لهؤلاء المشركين بمباهاتهم التي كانوا يتباهون بها في الدنيا بأموالهم, وكلّ ما مَلّكته غيرَك وأعطيته فقد خوّلته, يقال منه: خال الرجل يخال أشدّ الخيال بكسر الخاء, وهو خائل, ومنه قول أبي النجم:
أعْطَى فلمْ يَبْخَلْ وَلمْ يُبَخّلِكُومَ الذّرَا مِنْ خَوَلِ المُخَوّلِ
وقد ذكر أن أبا عمرو بن العلاء كان ينشد بين زهير:
هنالكَ إنْ يُسْتَخْوَلُوا المَالَ يُخْوِلُواوَإنْ يُسألُوا يُعْطُوا وَإنْ يَيْسِرُوا يُغلُوا
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك.
10646ـحدثني محمد بن الحسين, قال: حدثنا أحمد بن المفضل, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ: وَتَرَكْتُمْ ما خَوّلْناكُمْ من المال والخدم وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ في الدنيا.
القول في تأويل قوله تعالى: وَما نَرَى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الّذِينَ زَعَمْتُمْ أنّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ.
يقول تعالى ذكره لهؤلاء العادلين بربهم الأنداد يوم القيامة: ما نرى معكم شفعاءكم الذين كنتم في الدنيا تزعمون أنهم يشفعون لكم عند ربكم يوم القيامة. وقد ذكر أن هذه الاَية نزلت في النضر بن الحرث لقيله: إن اللات والعُزّى يشفعان له عند الله يوم القيامة. وقيل: إن ذلك كان قول كافة عبدة الأوثان. ذكر من قال ذلك.
10647ـ حدثني محمد بن الحسين, قال: حدثنا أحمد بن المفضل, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ: أما قوله: وَما نَرَى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الّذِينَ زَعَمْتُمْ أنّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ فإن المشركين كانوا يزعمون أنهم كانوا يعبدون الاَلهة لأنهم شفعاء يشفعون لهم عند الله وأن هذه الاَلهة شركاء لله.
10648ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: ثني حجاج, قال: قال ابن جريج: أخبرني الحكم بن أبان عن عكرمة, قال: قال النضر بن الحرث: سوف تشفع لي اللات والعزّى فنزلت هذه الاَية: وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرَادَى كمَا خَلَقْناكُمْ أوّلَ مَرّةٍ... إلى قوله: شُرَكاءَ.
القول في تأويل قوله تعالى: لَقَدْ تَقَطّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ.
يقول تعالى مخبراً عن قيله يوم القيامة لهؤلاء المشركين به الأنداد: لَقَدْ تَقَطّعَ بَيْنَكُمْ يعني: تواصلَهم الذي كان بينهم في الدنيا, ذهب ذلك اليوم, فلا تواصل بينهم ولا توادّ ولا تناصر, وقد كانوا في الدنيا يتواصلون ويتناصرون فاضمحلّ ذلك كله في الاَخرة, فلا أحد منهم ينصر صاحبه ولا يواصله.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك.
10649ـ حدثني محمدبن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: لَقَدْ تَقَطّعَ بَيْنَكُمْ البين: تواصلهم.
حدثني المثنى, قال: حدثنا أبو خذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: لَقَدْ تَقَطّعَ بَيْنَكُمْ قال: تواصلَهم في الدنيا.
10650ـ حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: لَقَدْ تَقَطّعَ بَيْنَكُمْ قال: وصْلكم.
وحدثنا الحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة, في قوله: لَقَدْ تَقَطّعَ بَيْنَكُمْ قال: ما كان بينكم من الوصل.
10651ـ حدثني المثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالح, قال: ثني معاوية بن صالح, عن عليّ بن أبي طلحة, عن ابن عباس: لَقَدْ تَقَطّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ يعني: الأرحام والمنازل.
10652ـ حدثني محمد بن الحسين, قال: حدثنا أحمد بن المفضل, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ: لَقَدْ تَقَطّعَ بَيْنَكُمْ يقول: تقطع ما بينكم.
10653ـ حدثنا أبو كريب, قال: قال أبو بكر بن عياش: لَقَدْ تَقَطّعَ بَيْنَكُمْ: التواصل في الدنيا.
واختلفت القرّاء في قوله: بَيْنَكُمْ. فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة نصباً بمعنى: لقد تقطع ما بينكم. وقرأ ذلك عامة قرّاء مكة والعراقيين: «لَقَدْ تَقَطّعَ بَيْنُكُمْ» رفعاً, بمعنى: لقد تقطع وصلكم.
والصواب من القول عندي في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان باتفاق المعنى, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب الصواب, وذلك أن العرب قد تنصب «بين» في موضع الاسم, ذكر سماعاً منها: إيابى نحوك ودُونَك وسواءَك, نصباً في موضع الرفع, وقد ذكر عنها سماعاً الرفع في «بين» إذا كان الفعل لها وجُعلت اسماً وينشد بيت مهلهل:
كأنّ رِماحَهُمْ أشْطانُ بِئْرٍبعييدٍ بينُ جالَيْها جَرُورِ برفع «بين» إذْ كانت اسماً. غير أن الأغلب عليهم في كلامهم النصب فيها في حال كونها صفة وفي حال كونها اسماً.
وأما قوله: وَضَلّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ فإنه يقول: وحاد عن طريقكم ومنهاجكم ما كنتم من آلهتكم تزعمون أنه شريك ربكم, وأنه لكم شفيع عند ربكم, فلا يشفع لكم اليوم.

ahmed22543

عدد المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 07/09/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى