سمي أتباع حضرة بهاء الله بالبهائيين؛ وكلما تضاعف عدد هؤلاء الأتباع المنجذبين إلى شخصيته وصفاته الأخّاذة، وتعاليمه الروحانية العميقة؛ تمادت السلطات في نفيه وإبعاده. وفي نهاية المطاف صدر الحكم عليه بالسجن في أقسى وأصعب معتقلات الإمبراطورية العثمانية بقلعة عكا العتيقة. الهواء الرديء ونقص المياه العذبة، والمباني الموبوءة بالحشرات جعلت من الحياة في عكاء أشد العقوبات الممكنة. وصل حضرة بهاء الله إلى هناك في عام 1868 برفقة سبعين شخصا من أفراد عائلته وأتباعه. في عكا أنزل حضرة بهاء الله بعض أهم آثاره الكتابية مخاطبا الملوك والقادة في زمنه، ومفصحا عن القوانين والمبادئ التي من شأنها أن تقود البشرية إلى عصر السلام العالمي.
مما جاء في آثاره الكتابية "يُعْتَبَرُ الْعَالَمُ فِي الْحَقِيقَةِ وَطَنًا وَاحِدًا وَمِنْ عَلَى الأَرْضِ أَهْلَهُ" (معرّب) و " لَيْسَ الْفَخْرُ لِمَنْ يُحِبُّ الْوَطَنَ بَلْ لِمَنْ يُحِبُّ الْعَالَمَ "
بمرور الوقت؛ خففت السلطات المحلية ظروف السجن لحضرة بهاء الله، وانتقل إلى شمال المدينة بمسافة قصيرة ليستقر في البهجة حيث قضى اثنتي عشرة سنة الباقية من حياته. خلال تلك الفترة قام حضرة بهاء الله بعدة زيارات لمنحدرات جبل الكرمل القريبة وقام بتحديد الموضع الدائم لدفن رفات مبشره حضرة الباب وذلك في عام 1891.
في سنة 1892 وبعد وعكة صحية قصيرة توفّي حضرة بهاء الله في سنّ الخامسة والسبعين. ووري رفاته المادّي الثرى في مبنى صغير بجوار "البهجة" محل إقامته الأخير. وقد عَيّن في وصيته حضرة عبدال بهاء خلفا له وراعيا لشؤون الدين البهائي. وهكذا وللمرة الأولى في التاريخ يقوم مؤسس دين عالمي بتعيين من يخلفه بنص مكتوب لا يقبل الجدل. هذا الاختيار للوصي شرط أساسي لما يعرف بــ "ميثاق حضرة بهاء الله" وهو الذي يتيح للبهائيين الحفاظ على وحدتهم في جميع الأوقات
.