المنتديات البهائية العربية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رسالة بهاءالله و براهين الرسّالة

اذهب الى الأسفل

رسالة بهاءالله و براهين الرسّالة Empty رسالة بهاءالله و براهين الرسّالة

مُساهمة  امال رياض الثلاثاء فبراير 22, 2011 7:12 am

صرّح بهاءالله مرارًا، وبكلّ وضوح، أنّه هو المرّبي والمعلّم المنتظر، وأنّه معلّم جميع الأمم، وأنّه ينبوع الرّحمة الواسعة العجيبة التّي تفوق كلّ فيض سابق، والذّي فيه تندمج جميع الأديان السّابقة كما تنصبّ الأنهار في المحيط. وقد أسّس أساسًا يكون قاعدةً متينةً لاتحاد جميع العالم ولافتتاح ذلك العصر المجيد، عصر السّلام على الأرض والتآخي بين الأنام، كما أخبر به الرّسل وتغنّى به الشّعراء.

وقد نزلت من قلم بهاءالله قبل مئة عام تعاليمه في كتب متعدّدة وألواح كان الكثير منها موجّهًا إلى الملوك وحكّام العالم. وهذه التعاليم هي: تحرّي الحقيقة، ووحدة الجنس البشريّ، واتحاد الأديان والأجناس والأمم في الشّرق والغرب، واتّفاق العلم والدّين، ومحو التّعصّبات والخرافات والأوهام، ومساواة المرأة والرّجل، وتأسيس العدل والحق، وإنشاء محكمة دوليّة عليا، والاتفاق على لسان واحد من بين اللّغات، والتّعليم الإجباريّ وغيرها.

وأمّا رسالته الفريدة في شمولها ومداها، فإنّها مطابقةً لحاجات هذا العصر وعلاماته تطابقًا عجيبًا. ولم تَكُن المشاكل المستجدّة التّي تجابه البشر قد بلغت في أيّ عصر من الضّخامة والتّعقيد ما بلغته الآن، ولم تكن حلولها المقترحة قد بلغت كذلك ما بلغته من الكثرة والتّضارب، ولم يكن الاحتياج إلى معلّم للعالم في أي عصر أشدّ إلحاحًا منه في هذا العصر، ولا الشّعور بالحاجة إليه بأوسع، ولم يكن انتظار ظهور مثل هذا المعلّم بأمكن ولا أثبت منه ولا أعمّ.

انطباق النّبوّات

كتب عبدالبهاء خصيصًا لهذا الباب ما تلي ترجمته:

"عندما ظهر السّيد المسيح منذ عشرين قرنًا، كان اليهود منتظرين مجيئه بشوق، وفي كلّ يوم يتضرّعون قائلين "اللّهم عجّل ظهور المسيح"، ومع ذلك، حينما أشرقت شمس الحقّ، أنكروه وقاموا ضدّه بأعظم العداء، وأخيرًا علّقوه على الصّليب، مع أنّه كان الرّوح القدس وكلمة الله، وسمّوه بـ (بعلزبول) أي الشّيطان، كما هو مذكور في الإنجيل. والسّبب في كلّ ذلك، كما قالوا، هو أنّ ظهور المسيح، حسب نصوص التّوراة الواضحة له علامات خاصّة، وما دامت هذه العلامات لم تظهر، فإنّ كلّ من يدّعي أنّه المسيح كاذب. وهذه العلامات هي: أنّ المسيح يجب أن يأتي من مكان مجهول، في حين أنّنا نعرف بيت هذا الرّجل في النّاصرة، وهل يمكن أن يظهر من النّاصرة شخصٌ صالح؟ والعلامة الثّانية: أنّ عصاه يجب أن تكون من حديد، أي أنّه يرعى الأغنام بالسّيف، ولكن هذا المسيح لم تكن عنده حتّى عصا من الخشب. ومن العلامات والشّروط: أنّه يجلس على كرسيّ داود ويؤسّس سلطنة داود، ففضلاً عن عدم تتويجه، فإنّه لا يملك الآن حصيرًا يجلس عليها. ومن بين الشّروط: أنّه يروّج شريعة التّوراة، ولكنّ هذا الرّجل نسخ شريعة التّوراة نسخًا كليًا، وكسر يوم السّبت مع وجود

نص قاطع في التّوراة يقضي بأنّ كلّ من يدّعي النّبوّة ثم يكسر يوم السّبت يجب قتله، ولو أظهر العجائب والمعجزات. ومن العلامات أنّه في مدّة حكمه يسود العدل والحقّ والصّلاح، حتّى يتجاوز من الإنسان إلى الحيوان، فيعيش الثعبان والفأر في حفرة واحدة، والصّقر والحجل في وكر واحد، والأسد والغزال في مرعى واحد، والذّئب والحمل يشربان من مَعين واحد ولكنّ الظّلم والعدوان قد اشتدّا الآن إلى درجة أنّهم صلبوه! ومن الشّروط الأخرى: أنّ اليهود في زمان المسيح يسودون وينتصرون على جميع أمم الأرض، ولكنّهم الآن مقيمون على العبوديّة والهوان في إمبراطوريّة الرّومان، فكيف إذن يكون هذا هو المسيح الموعود في التّوراة؟

"وبهذه الكيفيّة اعترضوا على شمس الحقيقة، مع أنّ روح اللّه ذاك كان هو الموعود في التّوراة، ولكنّهم لمّا لم يفهموا معنى هذه العلامات، صلبوا (كلمة الله).
"ويقول البهائيّون اليوم أنّ العلامات المدوّنة كلّها ظهرت في مجيء السّيد المسيح، غير أنّ ظهورها لم يكن بالمعنى الذّي فهمه اليهود، وأنّ الوصف الموجود في التّوراة وصف مرموز.

"فمثلاً من ضمن العلامات علامة السّلطنة: فالبهائيّون يقولون أنّ سلطنة السّيد المسيح كانت سلطنة إلهيّة سماويّة أبديّة، وليست مثل سلطنة نابليون التّي زالت في وقتٍ قصير، فقد توطّدت سلطنة السّيد المسيح حوالي ألفيّ سنة، وهي للآن باقية، وسيبقى هذا الوجود المقدّس معتليًا عرشه السّرمدي إلى الأبد، وهكذا بقيّة العلامات التّي ظهرت ولم يدركها اليهود، وهم للآن ينتظرون مجيء المسيح، مع أنّه قد مرّ الآن عشرون قرنًا على ظهوره بظهور إلهيّ ساطع ويعتقدون أنّهم على الحقّ وأنّ السيّد المسيح كان باطلاً معاذ الله. "لو طلب اليهود من السّيد المسيح تفسير معاني النّبوات الخاصّة به، لأخبرهم بها. فلنعتبر بهذا المثال، وقبل أن نحكم إذا كانت النّبوات الخاصّة بظهور المعلّم الأعظم في اليوم الأخير قد تمّت أم لا، فلنرجع إلى ما كتبه بهاءالله نفسه خصيصًا حول تفسيرها، لأنّ كثيرًا من النّبوات ولا شك "مختوم"، وأنّ المرّبي الحقيقي هو الشّخص الوحيد الذّي يمكنه أن يفضّ ختمها، ويكشف معانيها المكنونة في أصداف عباراتها.
وقد كتب بهاءالله الكثير حول تفسير النّبوّات القديمة، ولكنّه لا يجعل البرهان على أحقيّة رسالته متوقفًا على هذه النّبوات. فجميع العقلاء يعلمون أنّ الشّمس هي حجّة بذاتها، وفي وقت شروقها لا نحتاج إلى نبوّات سابقة تطمئننا عن شروقها، وهكذا الأمر مع المظهر الإلهيّ حين ظهوره، فإنّه يكون بنفسه حجّة كافية لكل من له إحساس روحانيّ، حتّى ولو نسيت جميع نبوّات الرّسل السّابقين.

براهين الرسّالة

إنّ بهاءالله لم يطلب من أيّ شخص أن يقبل أقواله ودلائله قبولاً أعمى بدون تحقيق، بل بالعكس من ذلك، وضع في مقدّمة تعاليمه إنذارات شديدة لكلّ من يقبل أيّة سلطة قبولاً أعمى، وحثّ الجميع على أن يفتحوا أعينهم وآذانهم، ويحكموا بأنفسهم بدون
خوفٍ، وبتمام الحريّة والاستقلال، حتّى يعرفوا الحقيقة. وهو يدعو إلى التّحري التّام، ولم يخفِ نفسه مطلقًا، بل جعل البرهان الأعلى على رسالته نفس كلماته وأعماله وأثارها في تغيير أخلاق النّاس وحياتهم. وإنّ الأدلّة التّي ذكرها هي التّي وضعها سلفه العظماء من الرّسل، فقال موسى في التوراة:

"وإن قلت في قلبك كيف نعرف الكلام الذّي لم يتكلّم به الرّب؟ فما تكلّم به النّبي باسم الرّب ولم يحدث ولم يصر فهو الكلام الذّي لم يتكلّم به الرّب، بل بطغيان تكلّم به النّبي فلا تخف منه."([4])

وبمثل ذلك قرّر المسيح دليله بوضوح وبيّن البرهان على دعوته بقوله:

"احترزوا من الأنبياء الكذبة يأتونكم بثياب الحملان ولكنّهم من داخل ذئاب خاطفة. من ثمارهم تعرفونهم. هل يجنون من الشّوك عنبًا، أو من الحسك تينًا؟ هكذا كلّ شجرة جيّدة تصنع أثمارًا جيّدة، وأمّا الشّجرة الرّديئة فتصنع أثمارًا رديئة. لا تقدر شجرة جيّدة أن تصنع ثمارًا رديئة، ولا شجرة رديئة أن تصنع أثمارًا جيّدة، كلّ شجرة لا تصنع ثمرًا جيّدًا تقطع وتلقى في النّار، فإذن من ثمارهم تعرفونهم."([5])

وسنجتهد فيما يأتي من الأبواب أن نُبيّن إذا كانت دعوة بهاءالله للرّسالة ثابتة بمقتضى هذه الأصول، وهل الأمور التّي نطق بها تحقّقت أم لا، وهل كانت ثماره طيّبة أم رديئة، وبعبارة أخرى،
هل نبوّاته تحقّقت، وأحكامه قد نفذت، وهل عمله في الحياة قد ساعد على تهذيب الإنسانيّة ورفعتها وعلى تحسين الأخلاق أو بالعكس من ذلك.

صعوبة التّحريّ قد تعرض بالطّبع صعوبات كثيرةً في سبيل الطّالب الذّي يرغب في تحرّي الحقيقة بخصوص هذا الأمر. فالدّين البهائيّ مثل جميع الدّعوات الأخلاقيّة والرّوحانيّة العظمى، قد أسيء عرضه وتمثيله وأخطئ فهمه. نعم، قد اتفقت روايات الأحباء والأعداء اتفاقًا تامًا بخصوص الاضطهادات الفظيعة والآلام التّي حصلت لبهاءالله وأتباعه، أمّا بخصوص أهميّة الدّعوة وصفات مؤسّسيها، فقد اختلفت أقوال المنكرين عن أقوال المؤمنين اختلافاً كليًّا كما اختلف مؤرخو المسيحيين واليهود في زمان السيد المسيح... وبينما يقول المؤمنون أنّ عيسى قد أتمّ وأكمل شريعة موسى والأنبياء، يصرّح المنكرون أنّه كسر قوانينها، ونسخ قواعدها، وأنّه كان مستحقًا للموت.

وفي الدّين كما في العلم، تكشف الحقيقة أسرارها للطّالب المجدّ الوقور المتواضع الذّي يستعد لأن يطرح جانبًا كلّ تعصب ووهم ويبيع ما عنده ليشتري "الجوهرة الفريدة ذات الثّمن العظيم". ولأجل فهم الدّين البهائيّ بكامل معناه، يجب أن نقوم بدراسته بروح الإخلاص وعدم الأنانيّة في البحث عن الحق، مثابرين في طريق التّحرّي، ومتّكلين على الهداية الرّبانية. وسنجد في الآثار
الكتابيّة لمؤسّسيها المفتاح الأعظم لأسرار هذه اليقظة الرّوحانيّة والمعيار الأتم لأهميّتها وقيمتها.
والغاية التّي نتوخاها في ما يأتي من الأبواب، هي أن نبسط على قدر الإمكان، باعتدال وبدون تعصّب وإجحاف، معالم تاريخ الأمر البهائيّ، وبالأخص تعاليمه، حتّى يتمكّن القرّاء بذلك من إصدار حكم صحيح حول أهميّتها، وربمّا يؤول بهم البحث إلى زيادة التعمّق في الموضوع بأنفسهم لأنفسهم.
وتحرّي الحقيقة، مع أنّه أمر مهم، إلاّ أنّه ليس الغاية الوحيدة والغرض النّهائي من الحياة، فالحقّ ليس أمرًا مواتًا يبحث عنه، وعند العثور عليه يوضع في متحف الآثار، فتوضع له بطاقة، ويصنّف بين الآثار، ويرصد في قائمة، ثمّ يعرض في المتحف، ليبقى هناك متروكًا جافًا قاسيًا عقيمًا، بل هو أمر حي يجب أن تتأصّل جذوره في قلوب النّاس، ويكون له ثمر في حياتهم من قبل أن يجنوا مكافأة بحثهم.
فالغرض الحقيقي إذن من نشر معرفة الظّهور الإلهيّ هو أنّ يشرع الذّين يقتنعون بصحّته في تطبيق أوامره ومبادئه "والسيّر في الحياة" بمقتضاه، ونشر بشارته، فيعجّلون بذلك تحقّق ذلك اليوم المبارك الذّي فيه تظهر مشيئة الله على الأرض كما هي في السّماء.


(( كتاب بهاء الله والعصر الجديد ))

_________________
رسالة بهاءالله و براهين الرسّالة Nabadh10

رسالة بهاءالله و براهين الرسّالة Hamass10

امال رياض
مشرف

عدد المساهمات : 420
تاريخ التسجيل : 15/02/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى